عودة ممتنعة ،
أذكر نفسي في مثل هذا اليوم من العام المنصرم ،،
في مثل هذه الساعة ،، ربما قبلها أو بعدها ،،
كنت مفترشاً تراب سيناء ،، و متلحفاً شنطتي ،،
منتظراً سبيلاً أعبره عودةً من عودتي عن غزة ،،
أذكر حينها ،،
أنني كنت في قمة الضيق ليس لشيء
إنما لشعوري بالعجز عن فعل ما كنت أنوي
لم تضيرني ليلة إضافية في سفري القليل الأيام
إنما ضرني عجزي المطلق عن تجاوز بضعة أمتار للوصول إلى مبتغاي
ربما كنت حينها كالطفل الصغير الذي يريد شيئاً بشدة
ليس لإلحاحه على نفسه ،
إنما لإلحاح نفسه على تحقيق ما لم يتم ،،
بعد انتهاء الطفل من بكائه على ما لم يحصله دون جدوى
أمضيت ليلتي رافضاً ،،
و في يوم تلاها ،،
مضينا إلى مقصدنا الممتنع ،،
يتراودنا أمل في الرجوع إلى المكان الذي غادرناه منذ أيام قلائل
و شك أيضاً في الرجوع إلى المكان الذي تركناه منذ دقائق ،،
و فعلاً أدركنا غزة ،،
لا أذكر كيف ،،
إنما أذكر أننا أمضينا يوماً كاملاً ننتظر شيئاً ما ،،
بالتأكيد هو شيء مهم ، لم يكن لضيق فكري الاحاطة به
و أذكر أيضاً أنني كنت ممتطياً شيئاً من الباص
ربما كان باباً ،، مقبضاً ،، أو ربما عمود هواء ،،
لكننا برغم هذا كله ،،
عدنا ،،
فالشكر لذلك الأوروبي الذي يسر لي أمري في الدخول إلى "أرضي" ،،
أو عفواً ،، "في الدخول إلى غزة"
حينها أدركت أن المسافة التي منعتي عن أمي
ليست بضعة كيلومترات نقطعها رجالاً ،،
إنما هي سنين طويلة منذ غادرنا ملكية أنفسنا ،،
و وكلنا ملكيتها لآخرين ،، هم أدرى منا بشؤن نفوسنا ،،
فشكري إلى ذلك الأنقر الذي منحني فرصة الرجوع المجرد إلى منطلقي الأول ،،