ركون الي نفسي

أعود ॥
كل شيء حين أسأله يساءلني غيابي ...
أحاول أن أعود ،،
و لكن كل شيء ،، مدعاة للغياب ،،
أشعر بانفصامي عن نفسي
أشعر بأنني بدأت أفقد ما انا
أعود ،،
و لكن كيف لي أن أعود ،،
فبين الزوايا
نظرات و صور ،،
أقلام جفت أحبارها ،،
كسلاً ،، أفشل في ارجاعها إلى الحياة ،،
ضجراً ،، لا أأنس إليها ،،
ببلادة و برود ،، تعطيني صوراً من الاكتئاب ،،
أنسى ما انا حين أذكرها ،،
لأنني افقد الحنين إليها ،،
أصبحت أراود نفسي عن نفسي ،،
أحادثها تلك المريضة ،،
لا أجد لديها ما تعطيني ،،
سوى البلادة و الغباء ॥

سننفجر ايها الاخوة


لازلت على انتظار ،،
لازلت أنتظر ذاك الانفجار
الذي يعبر عن ذروة الضيق ،، و ثورة الأعزاء ،،
لا انفجار الجائعين المتخمين ،،
لا زلت أنتظر انفجاراً يطال كل من ساهم في حصار غزة ،،
لا انفجاراً يطال كل من تطوله أيدينا ،،
لازلت أنتظر انفجاراً يقوم مسيرتي الثورية ،،
لا انفجاراً يعزز سلطة أصحاب السراب ،،
كم أنا في شوق لذاك الشهيد الذي أحسن الانفجار في وجه العدو ،،
كم أنا في شوق للوقت الذي كان فيه للموت قيمة و معنى ،،
لا اليوم حيث الموت طريد القلوب ،،
لينال منا حيث نهرب منه ،،
لا اليوم حيث الموت ليس إلا جثثاً تدفن ،،
بكلمة باردة و خبر ،،
كم أنا في شوق إليك سيدي الرئيس يا صاحب الكوفية السمراء،،
عندما صرخت في وجه العالم ،، ثائراً ،،
كم أنا في شوق إليك شيخي الجليل يا صاحب اللحية البيضاء ،،
عندما أعجزت العالم بعقيدتك ،،
كم أنا في شوق لكلمة الشهيد التي أطلقها لقناعتي ،،
ليست الكلمة التي أجدها تطلق على كل من مات ،،
فقط لأنه مات و قد أحسن سياقة عربات "الثوار"
و أرانا براعته ،و له أثر واضح عندما نمشي في الشوارع ،،
كم أنا في شوق للقلب المقاتل الشرس ،، الذي استمات لأجل الوطن ،،
ليس ذلك المقاتل الشرس الذي استمات في رفع راية
خضراء ،، أو صفراء ،، أو حمراء ،، أو سمراء ،،

سنفجر ايها الأخوة ،،
نعم سننفجر ،، كما انتصرنا مرةً ،،
لكن السؤال ،،
سننفجر في وجه من ،، و لأجل من ،،
و سننتصر على من ،، و لأجل من ،،

لا اذكر ،،

ماتت قلوب الناس ،، ماتت بنا النخوة ،،
يمكن نسينا في يوم ان العرب أخوة ،،
لا أذكر شيئاً كذلك ،،
فيوماً لم يكن العرب أخوة ،،
منذ منشأهم ،،
وهم فئران الصحراء لا يسمع صوتهم إلا أنفسهم ،،
و لا يحسنون سوى قضم أذيلهم ،،
يوماً لم يكن العرب أخوة ،،

أمس ،،

كما لو كنت وحدي ،،
لم أنتظر أحداً ،،
مشيت على البحر سادراً ،، مشيت خلفك حائراً ،،
لو كنت أنت أنا لقلت لك "انتظرني عند قارعة الغروب"
و لم تقل لو كنت أنت أنا
"لما احتاج الغريب إلى الغريب ،، "
الشمس تضحك للتلال ،، و نحن نضحك للوجه الشاحبات ،،
و لم تقل أي الوجوه ،، "هناك شخص ما يكلم نفسه"
لم أنتظر أحداً ،،
مشيت على البحر سادراً ،، و مشيت خلفي حائراً ،،
و الشمس غابت خلفنا ،،
و دنوت منك ،، خطوة أو خطوتين ،،
فلم أجدك واقفاً أو ماشياً ،،
دنوت منك فلم أجدك ،،
أكنت وحدي دون أن أدري بأني كنت وحدي !!
لكن لم تقل احدى الوجوه "هناك شخص ما يكلم نفسه"!!

تمرد ،،

على قلبي مشيت ،،
كأن قلبي ،،
طريق ، أو رصيف ، أو هواء ،،
فقال القلب أتعبني
التماهي مع الأشياء و انكسر الفضاء
و اتعبني سؤالك
أين نمضي ؟!
و لا أرض هناك و لا سماء ،،
و أنت تطيعني ،،
مرني بشيء ،،
و صوبني لأفعل ما تشاء ،،
فقلت له ..
نسيتك منذ مشينا
و أنت تعلتي و أنا النداء ..
تمرد ما استطعت علي و اركض
فليس وراءنا إلا الوراء ،،

صديقتي الأروع ،، بأعوامها الثمانية،،

أمس ،،
أدركت المنية صديقتي الأجمل و الأروع ,,
تبلغ من العمر ثمان ، أو تسع سنوات ،، فلم أعد أؤمن بحساب السنين ،،
وجهها مستنير بحفظ كتاب العزيز الحكيم ،،
ذهنها متقد بذكاء عميق ،،
و عندما شاركتني مجلسي الكمبيوتري ،،
أحسنت إجباري على الإنحناء لبراعتها في الرسم بالأكواد البرمجية ،،
كل هذا و هي منذ عام أو ينيف ، تعاني من مرض عضال ،،
لا تستطيع العلاج منه لأنها -بأعوامها التسعة- "مرفوضة أمنياً"
لتستشهد أمس السبت 19 أبريل ، فهنيئاً لها الجنة ،،
و جزانا الله بها مغفرةً ،،
فإلى صديقتي الطفلة <مريم نصار>
إليها في جنتها أقول :

شعرك دهب مغزول
بنول الشمس والريح
قلبي صهيل خيول
مثل الفرس بيصيح

شعرك ذهب
وبيلزمه بُكلة ذهب
بس الذهب مدفون
جوه البلد،
و ما في بلد،
لو في بلد كل الذهب بيهون

عندي إلك ورد وغزل
مِثل الخمر المعتق بالجرار
عندي إلك شهد وعسل
أصله ورد بس من نحل الأشعار

شعرك احله، انعفه،
قمح بشمس الجروح
وبسمة بوجهك هالحلو
نجمة بسما المسجون

شعرك دهب مغزول
بنول الشمس والريح
قلبي صهيل خيول
مثل الفرس بيصيح

شعرك ذهب
وبيلزمه بُكلة ذهب
بس الذهب مدفون
جوه البلد،
و ما في بلد،
لو في بلد كل الذهب بيهون ،،

غرباء

كل يوم في وجوهنا نجد معالماً جديدة ،،
لسنا غرباء عن بعضنا
لكننا غرباء عن أنفسنا ،،
ساعات أمام المرايا
لنرى أنفسنا ،،
لكننا دائماً ،،
نرى غرباءً مثلنا ،،
لو أننا قضينا هذه الساعات
في النظر إلى الناس
سنحسن رؤية أنفسنا بناظرهم ،،

شكر ،،،،

شكر إلى ذلك الغريب الذي أنقذني من غربتي المتوحدة مع ألم نفسي
فأنمى روحي بعد ضيق ،،
و أنار وجهي بعد شحوب ،،
شكري إلى ذلك الغريب ،،
الذي أنشدني أن أكون ،،
مع الله في الجرح لما امحى ،،
مع الله في العظم لما انجبر ،،
مع الله في الكرب لما انجلى ،،
مع الله في الهم لما اندثر ،،
مع الله في سكنات الفؤاد ،،
و تسليمه بالقضا و القدر ،،
لا سواه الله خالقي ،، و الأعلم بكينونتي ،،
و لا سواه مفر من كل ضيق ،،

عودة ممتنعة ،


أذكر نفسي في مثل هذا اليوم من العام المنصرم ،،
في مثل هذه الساعة ،، ربما قبلها أو بعدها ،،
كنت مفترشاً تراب سيناء ،، و متلحفاً شنطتي ،،
منتظراً سبيلاً أعبره عودةً من عودتي عن غزة ،،
أذكر حينها ،،
أنني كنت في قمة الضيق ليس لشيء
إنما لشعوري بالعجز عن فعل ما كنت أنوي
لم تضيرني ليلة إضافية في سفري القليل الأيام
إنما ضرني عجزي المطلق عن تجاوز بضعة أمتار للوصول إلى مبتغاي
ربما كنت حينها كالطفل الصغير الذي يريد شيئاً بشدة
ليس لإلحاحه على نفسه ،
إنما لإلحاح نفسه على تحقيق ما لم يتم ،،
بعد انتهاء الطفل من بكائه على ما لم يحصله دون جدوى
أمضيت ليلتي رافضاً ،،
و في يوم تلاها ،،
مضينا إلى مقصدنا الممتنع ،،
يتراودنا أمل في الرجوع إلى المكان الذي غادرناه منذ أيام قلائل
و شك أيضاً في الرجوع إلى المكان الذي تركناه منذ دقائق ،،
و فعلاً أدركنا غزة ،،
لا أذكر كيف ،،
إنما أذكر أننا أمضينا يوماً كاملاً ننتظر شيئاً ما ،،
بالتأكيد هو شيء مهم ، لم يكن لضيق فكري الاحاطة به
و أذكر أيضاً أنني كنت ممتطياً شيئاً من الباص
ربما كان باباً ،، مقبضاً ،، أو ربما عمود هواء ،،
لكننا برغم هذا كله ،،
عدنا ،،
فالشكر لذلك الأوروبي الذي يسر لي أمري في الدخول إلى "أرضي" ،،
أو عفواً ،، "في الدخول إلى غزة"
حينها أدركت أن المسافة التي منعتي عن أمي
ليست بضعة كيلومترات نقطعها رجالاً ،،
إنما هي سنين طويلة منذ غادرنا ملكية أنفسنا ،،
و وكلنا ملكيتها لآخرين ،، هم أدرى منا بشؤن نفوسنا ،،
فشكري إلى ذلك الأنقر الذي منحني فرصة الرجوع المجرد إلى منطلقي الأول ،،